البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

المبحث السادس القصر

صفحة 163 - الجزء 1

  وإذا قلنا: «للحرية الحمراء باب» نكون وصفنا «الحرية الحمراء» بتملك «باب». فـ «الحرية الحمراء» موصوف، و «الباب» صفة.

  في المثال الأول، قلنا عن الفعل «جاء» صفة، وفي المثال الثاني قلنا عن الخبر «صافية» صفة، وفي المثال الثالث قلنا عن المبتدأ المؤخر «باب» صفة. وفي هذا خلاف البلاغة عن إعراب النحويين.

  البلاغة تهتم في المقام الأول بـ «معنى الكلمة» ودلالتها؛ دون أن تعبأ كثيراً بإعرابها، أو التقيد بقوانين الإعراب النحوية.

معنى كلمتي المقصور «والمقصور عليه»

  ذكرنا تعريف القصر عند البلاغيين فقلنا: إنه تخصيص شيء بشيء، أو أمر بآخر بطريق مخصوصة.

  فلو قلنا: «لا فتى إلا علي» نكون قصرنا صفة الفُتُوَّة على شخص «عليّ» وحده، دون سواه من العالمين.

  فكلمة «لا فتى» هي «المقصور» و شخص «عليّ» هو «المقصور عليه».

  وقد وصلنا إلى هذا التخصيص والحصر بطريق نفي الفتوة عن كل إنسان، وإثباتها لِعَلِيّ وحده. وهذا ما عَنَوه بقولهم: بطريق مخصوصة.

  وإذا قلنا: «لا خالق إلا الله» نكون قصرنا صفة «الخلق» على الله وَحدَه.

  فكلمة «لا خالق» هي «المقصور»، وكلمة «الله» هي «المقصور عليه».

  وقد تم القصر بطريق النفي والإثبات.

  وإذا قلنا: «إنما أنت المُرَجَّى للشدائد» نكون قصرنا المخاطب الممدوح «أنت» على «موطن الرجاء والأمل وقت الشدائد».