المبحث الثامن الإيجاز والإطناب والمساواة
المساواة
  المساواة هي إحدى الطرق الثلاث التي يلجأ إليها البليغ للتعبير عن كل ما يجول بنفسه من خواطر وأفكار.
  وإذا كان الإيجاز هو التعبير عن المعاني الكثيرة بالألفاظ القليلة مع الإبانة والإفصاح؛ وإذا كان الإطناب هو زيادة اللفظ على المعنى لفائدة، فإن المساواة هي أن تكون المعاني بقدر الألفاظ، والألفاظ بقدر المعاني، لا يزيد بعضها على بعض.
  والمساواة كما يقول أبو هلال العسكري هي المذهب المتوسط بين الإيجاز، والإطناب وإليه أشار القائل بقوله: «كأن ألفاظه قوالب لمعانيه». أي لا يزيد بعضها على بعض.
  إن الأمثلة على هذا اللون أكثر من أن تُحصى. ونقطف باقة من روائع الأقوال:
  * {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}[فاطر: ٤٣].
  * الحلال بين، والحرام بين.
  * {مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ}[الروم: ٤٤].
  * وكقول النابغة(١):
  فإنك كالليل الذي هو مدركي ... وإن خِلتُ أن المنتأى عنك واسع
(١) من اعتذاريات النابغة ومطلع القصيدة: «اتفادو حُساً مِنْ حُساً من فَرْتَنَى فالفوارغ».