البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

فن التشبيه

صفحة 15 - الجزء 2

فن التشبيه

  التشبيه في اللغة هو التمثيل، يقال: شبهت هذا بذاك، أي: مثلّته به.

  ويعرّف علماء البيان التشبيه بقولهم: هو الدلالة على مشاركة أمر الأمر، في معنى مشترك بينهما، بإحدى أدوات التشبيه المذكورة، أو المقدرة المفهومة من سياق الكلام.

  مثال ذلك قول عمر بن أبي ربيعة يصف محبوبته:

  أبرزوها مثل المهاة تهادى ... بين خمس كواعب أتراب

  وهي مكنونةٌ تَحيَّرَ منها ... في أديم الخدين ماءُ الشباب

  دمية عند راهب ذي اجتهاد ... صوروها في جانب المحراب

  ثم قالوا: تُحبها؟ قلتُ: بَهْراً ... عدد الرمل والحصى والتراب

  لقد أراد عمر أن يصف حبيبته وما يُكنّه لها من حب، فلم يعمد إلى نقل آيات الجمال فيها نقلاً جامداً لا حياة فيه، فقد يسيءُ مثل هذا النقل إلى الصورة الجميلة الراسخة في أعماق فؤاده، وقد لا يقع هذا النقل في نفس سامعه أو قارئه الموقع الحسن بسبب اختلاف الأذواق وتباين مشارب الناس، وإنما لجأ إلى فن التشبيه، وغَمَسَ أبياته بفيض عاطفته، وترك بعدئذ لغيره أن يتصور جمال فتاته على الصورة التي يتعشقها في المرأة.