البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

فن التشبيه

صفحة 42 - الجزء 2

  فيه المشبه والمشبه به والأداة ووجه الشبه.

  ومثل هذه الصيغة لا تُعنى كثيراً برفعة شأن المخاطب (أنت) لأنها حين تشبهه بالشمس، فهي تكتفي منها بصفة واحدة في (الإشراق). ثم إنها تعني ضمناً فصلاً واضحاً بين المشبه والمشبه به في ذكر الأداة (مثل). ولهذا قال العلماء ليس في التشبيه التام الأركان بلاغة كبيرة، وكأنهم يقصدون أن الروح الفنية فيها ضئيلة إلى حدَّ كبير.

  ويبدو لنا أن العلماء مصيبون في حكمهم، لأنهم حكموا على قائل تلك العبارة إمّا بضعف ملكته البلاغية، أو بأنه استهان بفهم من يخاطب، أو استغباه حين فصل بينه وبين الشمس، وحين حدد الصفة الجامعة بينها، وهي الإشراق.

  أما لو قال: (أنت شمسٌ في الإشراق)

  فإنه يكون قد حذف أداة التشبيه (مثل) ... وجعل تشبيهه مؤكداً مفصلاً⁣(⁣١)

  وفي هذا الحذف يكون قد سما ببيانه قليلاً لأنه وحَّدَ - إلى حد ما - بين طرفي التشبيه، وجعل مخاطبهُ شمساً، فلم يفصل بينها ويجعل كلاً منها عنصراً مستقلاً.

  مع هذا، فإن القيمة الفنية في هذه العبارة لا ترقى إلى مرتبة عليا، لأن وجه الشبه المذكور قدر هبط بتلك القيمة الفنية.


(١) التشبيه المؤكد: ما حذفت منه الأداة. والتشبيه المفصل: ما ذكر فيه وجه الشبه. والتشبيه المرسل: ما ذكرت فيه الأداة.