البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

الباب الأول فن التشبيه

صفحة 43 - الجزء 2

  ولو قال: (أنت مثل الشمس).

  فإنه يكون قد جعل تشبيهه مُرْسَلاً مُجْمَلاً⁣(⁣١) ذكر أداة التشبيه وحذف وجه الشبه.

  إن ذكر الأداة يشير دائماً إلى فصل بين طرفي التشبيه، ويجعل الطرف الأول مغايراً للثاني. وهذا الذكر سببٌ في تدنيّ مقام التشبيه.

  لكنا نلاحظ أنه إن تدنَّى من ناحية ذكر الأداة، فلقد سما التشبيه من حيث حذف وجه الشبه. وكأن القائل جعل مخاطبه مثل الشمس في كل شيء في النور، وفي الدفءِ، وفي الجمال، وفي بعث الحياة، وفي الإشراق، وفي كل صفة يمكن أن توصف بها الشمس ... وما أكثر تلك الصفات! هذا اللون من التشبيه أرفع من سابقه بقليل

  ***

  أما لو قال: (أنت شمس)

  فإنه يكون قد لجأ إلى التشبيه المؤكد المجمل: إذ حذف الأداة والوجه معاً.

  وذلك يعني أنه حذف أداة الفصل الفارقة التي تميز (أنت) من (الشمس) ... وجعل العنصر الأول - المشبه - نفس العنصر الثاني - المشبه به.

  لقد زالت الفروق بين (الأنت) و (الشمس) وأصبحا شيئاً واحداً.


(١) التشبيه المجمل: ما حذف منه وجه الشبه.