البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

فن التشبيه

صفحة 59 - الجزء 2

الفصل الثالث أغراض التشبيه

  التشبيه عمل فنيّ، وأسلوبٌ رفيع يتخذه الأدباء والعلماء للسموّ ببيانهم، ويحتاج إليه الرجل العاميّ البسيط كما يحتاج إليه الرجل المثقف العليم ...

  وقد لا نغالي إذا قلنا: إن حاجة الإنسان الجاهل إليه لا تَقلّ عن حاجة العالم ... فالجاهل يقف أمام كثير من الأمور فاغراً فاه، لا يدري عنها قليلاً أو كثيراً ولا تزول غرابته، ويطمس جهله بها إلا إذا قربتها إليه بشبيه، أو نظير، أو مثل، أو قصة، أو حكاية ..

  تحدثه عن الزرافة - مثلاً - فلا يَفْقَهُ ما هي الزرافة، أطعامٌ هي، أم شراب، أم مخلوق طائر، أو زاحف، أو يمشي على أربع ... فإذا شبهت له الزرافة بالجمل الذي لا سنام له ... رأيت في عينيه بريقاً، وفي وجهه فرحاً، يُشْعرَائِكَ أنه بدأ يفهم ما هي الزرافة ..

  والتشبيه كان الوسيلة لهذا الفهم.

  أما العالِم فيحتاج إليه في تبسيط أفكاره، وتقريب نظرياته ... كأن يقول عالم الجغرافية لطلابه، وهو يقربُ إلى أذهانهم صورة خارطة البلاد الإيطالية إنها تشبه (الجزمة) ذات الساق الطويلة، فيتصور الطلبة شكل الجزمة، وتقرُب من أذهانهم صورة خارطة إيطاليا ... وهكذا

  أما رجل الأدب فإن فن التشبيه أداة رائعة بين يديه، يقلبها حيث