فن التشبيه
  (فإن كان (التشبيه) مدحاً كان أبهى وأفخم وأنبل في النفوس وأعظم، وأهزَّ للعِطْفِ، وأسرع لللإلف، وأجلَبَ للفرح، وأغلَبَ على الممتدَح ... وأسيَرَ على الألسن وأذكر، وأولى بأن تعلقه القلوبُ وأجدر
  وإن كان ذماً كان مسُّهُ أوجع، وميسمه(١) ألذع، ووقعه أشدَّ، وحدُّه أَحَدَّ
  وإن كان حجاجاً كان برهانُه أَنْوَرَ، وسلطانُه أقهر، وبيانه أبهر.
  وإن كان افتخاراً كان شأوُهُ(٢) أبعد، وشرفُهُ أَجَدَّ(٣)، ولسانه ألدّ وإن كان اعتذاراً كان إلى القبول أقربُ، وللقلوب أخلب، وللسخائِمِ(٤) أَسَلَّ، وَلِغَرْبِ(٥) الغضب أَفَلَّ.
  وإن كان وعظاً كان أشفَى للصدر، وأدعى للفكر، وأبلغ في التنبيه والزَّجر ...
  وهكذا الحكُم إذا استقصيت فنون القول وضروبه ...)
  ***
(١) الميسم: بكسر الميم - الآلة التي يكوى بها ويُعلم.
(٢) الشَّأو: الأمد والغاية.
(٣) أجد: أعظم.
(٤) السخائم: الضغائن، وسلَّ السخائم: نزعها واستخرجها.
(٥) غَرْبُ السيف: حدُّه. وفلَّ السيف: ثَلَمَه. ويقصد: أن الاعتذار يُضعف من حدّة الغضب الذي يكون له وقعُ السيف على النفس.