البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

الباب الأول فن التشبيه

صفحة 67 - الجزء 2

  الفرس بالهلال، والجبان بالنعامة والذبابة، واللئيم بالثعلب، والطائش بالفراش، والذليل بالوتد، والقاسي بالحديد والصخر، والبليد بالحمار، والبخيل بالأرض الُمجدبة.

  وقد اشتهر رجال من العرب بخلال محمودة، فصاروا فيها أعلاماً، فجرى التشبيهُ بهم، فيشبَّه الوفيُّ بالسَّمَوال⁣(⁣١)، والكريمُ بحاتم، والعادل بُعمر ابن الخطاب، والحليُم بالأحنف، والفصيح بسحبان، والخطيب بقسَّ⁣(⁣٢)، والشجاع بُعمرو بن معد يكرِب، والحكيم بلقمان⁣(⁣٣)، والذكيّ بإياس ...

  واشتهر آخرون بصفات ذميمة فجرى التشبيه بهم أيضاً؛ فيشبه العييُّ بباقل⁣(⁣٤)، والأحمق بهبنَّقة⁣(⁣٥)، والنادِمُ بالكسعِيّ⁣(⁣٦)، والبخيلُ بمادر⁣(⁣٧)، والهجَّاء بالُحطيئة⁣(⁣٨)، والقاسي بالحجاج⁣(⁣٩)


(١) هو السموال بن حيان اليهودي، يُضرب به المثلُ في الوفاء، وهو من شعراء الجاهلية توفي سنة ٦٢ هـ / ٦٨٠ م.

(٢) هو قسُّ بنُ ساعدة الإياديٌ، خطيب العرب قاطبة، ويُضرب به المثل في البلاغة والحكمة.

(٣) حكيم مشهور آتاه الله الحكمة أي الإصابة في القول والعمل.

(٤) رجل اشتهر بالعيّ، اشترى غزالاً مرة بأحد عشر درهماً، فسُئل عن ثمنه، فقدَّ أصابع كفيه - يريدُ عشرة - وأخرج لسانه ليكملها أحد عشر فقرَّ الغزال، فضُرب به المثلُ في العيّ.

(٥) هو لقب أبي الودعات يزيدُ بن ثروان القيسي، ويُضرب به المثل في الحمق.

(٦) هو غامد بن الحارث، خرج مرة للصيد، فأصاب خمسة حُمُر بخمسة أسهم، وكان يظن كل مرة أنه يخطئ فعصب وكسر قوسه، ولما أصبح رأى الحُمُرَ مصروعة، والأسهم مخضبة بالدم، فندم على كسر قوسه، وعَضَ على إيهامه، فقطعها.

(٧) لقب رجل من بني هلال اسمه مخلوق، وكان مشهوراً بالبخل واللؤم.

(٨) هو جرول بن أوس العبسي، شاعر مخضرم، كان هجاءً مراً، ولم يكد يسلم من لسانه أحد، هجا أمَّه وأباه ونفسه، وله ديوان شعر مطبوع، توفي سنة ٣٠ هـ / ٦٥٠ م.

(٩) هو الحجاج بن يوسف الثَّقفي، كان عاملاً على العراق وخراسان لعبد الملك بن مروان، ثم للوليد من بعده، وهو أحد جبابرة العرب، وله في القتل والعقوبات غرائب لم يسمع بمثلها، توفي بمدينة واسط سنة ٩٧ هـ / ٧١٥.