البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

الباب الثاني فن المجاز

صفحة 74 - الجزء 2

  وما دامت السماءُ تحمل هذا كله، وأكثر منه ... إذن ما الذي يمنع قائلاً أن يقول:

  إذا نَزَلَ السمه بأرض قومٍ ... رَعَيْنَاهُ وَإِنْ كَانُوا ليُوثاً

  وهو يقصدُ بنزول السماء هطول المطر ... أو ليس بين السماء والمطر علاقةٌ وارتباط؟

  وما الذي يمنعه أن يقول: نَزل من السماءِ رزقٌ ... وهو يعني الغيثَ ... أوليس بين غيثِ السماءِ والرزق علاقةٌ وارتباط؟

  ***

  عند هذه المرحلة من التفكير، أو بالأصح عند وصول الإنسان القديم إلى هذه المقارنات ... وُلد (المجاز).

  ***

  ونحن لا ندري في الحقيقة تاريخ ميلاد (المجاز) من عُمُر البشرية أكان بعد ألف سنة من ميلاد الإنسان الأول، أو بعد عشرة آلاف سنة ... أو أكثر من ذلك أو أقل ... وكل ما نعرفه أنَّا في اللغة العربية فتحنا أعيننا على الأدب الجاهلي، وهو أقدم كلام وصل إلينا في العربية، فرأيناه طافحاً بهذا المجاز، وعرفنا أنه متداولٌ مشهور على الألسنة، وأدركنا أنه سابقٌ للجاهلية بكثير من الدهور والقرون، ولولا ذلك ما شاع وعُرف، وتداولته الألسنة كما تداولت المسمَّيات على حقيقتها الأصلية.

  ***