البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

أقسام المجاز

صفحة 91 - الجزء 2

بلاغة المجاز العقلي

  المجاز العقلي أسلوب عربيّ فصيح، يدل على سعة العربية، وقدرتها على تجاوز حدود الحقيقة إلى الخيال، ذلك أنه لو كان الإسناد قاصراً على الحقيقة وحدها لجفَّت اللغة. وانعدم فيها رونق الحياة، وجمالُ التعبير.

  أما المجاز العقلي فيُسوعُ إسناد الفعل أو ما في معناه إلى غير صاحبه بسبب علاقة ظاهرة أو خَفِيّة بين الفعل وصاحبه، أو بين المسنَد والمسنَد إليه ... وذلك انطلاقٌ في التعبير الفنيّ إلى أقصى الحدود ...

  أما القرينة التي تدل على أن الإسناد عقليّ مجازيّ فهي عقليةٌ دائماً، يدركها كل من عنده أدنى درجة من ذوق ...

  إن قولنا: سرَّنا الزمان، وازدحمت الشوارع، وجرى النهر، وأضاءت الغرفة، وبنى الحاكم قصراً، وغير ذلك امتدادٌ بالخيال إلى آفاق لا تبلغهُا العين ... وإثارة للنفس إلى حدود موغلة في عالم النشوة والفرحة. وتشخيصٌ لمُجرَّدات كانت لولا هذا الأسلوب كلمات مقصوصة الجناح محرومة من كل عوامل السمو والتحليق ...