البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

أقسام المجاز

صفحة 95 - الجزء 2

  نظيرُ هذا: البيتُ الذي استشهد به صاحب أسرار البلاغة في وصف راعٍ، رفيق بإبله أو ماشيته:

  ضعيفُ العَصَا، بادي العروق ترى عليها ... إذا ما أجدب الناس، إصبعا

  معنى البيت: أن هذا الراعي لا يُوجع الحيوانات التي يرعاها بعصاه من غير فائدة، وهو حسن الرّعية والأثر عليها ... وفي لسان العرب تعليلٌ التفسير الإصبع بالأثر الحسن، إذ يقول: (والإصبع: الأثر الحسن. يقال: فلان من الله عليه إصبعٌ حسنة: أي أثرُ نعمةٍ حسنةٍ. وإنما قيل للأثر الحسن (إصبع) لإشارة الناس إليه بالإصبع).

  إن الإصبع الماهرة سبب الحذق والتفوق، وما من عمل رائع إلا وهو مستفاد من تصريف الأصابع، واللطف في رفعها ووضعها كما في الخطّ والنقش⁣(⁣١) وعلى ذلك قيل في تفسير قوله تعالى: {بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ ٤}⁣[القيامة] أي نجعلها كخُفّ البعير، فلا يتمكن من الأعمال اللطيفة. فأرادوا بالإصبع: الأثر الحسن حيث يقصد الإشارة إلى حذقٍ في الصنعة، لا مطلقاً حتى يقال: رأيت أصابع الدار، وله إصبع حسنة، وإصبع قبيحة، على معنى: أثر حسن، وأثر قبيح، ونحو ذلك.

  مثال آخر على هذه العلاقة السببية:

  يُنْسَبُ السَّموال الأبيات التالية:


(١) انظر تهذيب الإيضاح ١٢٧/ ٢.