البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

الباب الثاني فن المجاز

صفحة 96 - الجزء 2

  وإنّا لَقَوْمٌ ما نرى الموت سُبَّةٌ ... إذا ما رأته عامرٌ وسَلُولُ

  يُقَرِّبُ حُبُّ الموت آجالنا لنا ... وتكرهه أجالُهم فتطول

  تسيلُ على حدَّ الظُّبَاتِ نفوسنا ... وليست على غير الظباتِ تسيل

  الشاهد في البيت الأخير، وفي كلمة (نفوسنا) التي يُقصد بها (دماؤنا).

  إن الدماء هي التي تسيل على أطراف السيوف ... ولكن لمّا كان وجود النفس في الجسد سبباً في وجود الدم فيه استطاع الشاعر إحلال كلمة (النفوس) محل الدماء لأن النفس سببٌ لوجود الدم ... ويعرف القاصي والداني أن الإنسان إذا مات توقَّف دمُه عن الجريان في العروق وتجمّد ... حتى لو جُرح ما سالت نقطة دم منه.

  العلاقة إذن بين النفوس والدماء علاقةٌ سببية ... والقرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقيّ للنفوس مذكورة، وهي (على حدَّ الظُّبات) ... فالنفس الحقيقية لا تسيل على حد الظُّبات.

  ومثل ذلك نقول عن:

  رعينا الغيث، ورعى فلان غمامة واديه (أي عشبه)، وتفرقت كلمة القوم ...

  الخلاصة:

  إن بين اليد والفضل علاقة متينة هي علاقة السببية ... فاليد سبب في حدوث الفعل ...

  وإن بين الإصبع والرفق علاقة قوية هي علاقة السببية ... فالإصبع سبب في حدوث الرفق وكل أثر حسن.