الباب الثاني فن المجاز
  وجهين. وكما يقال لمن يعمل في غير معمل: (أراك تنفخ في غير فحم(١)، وَتَخطُّ على الماء) ويُضرب للحاجة تُطلب في غير موضعها، أو ممن لا يرى لك قضاءها. ونحو (لأمر ما جَدَعَ قَصِيرٌ أنفه) ويضرب لمن يحتال على حصول أمر خفي وهو مستتر تحت أمر ظاهر. ونحو (تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها) ويضرب للرجل الذي يأبى الحصول على رزق من مصدر حرام، فيهلك دون أن يقع في مذلة. ونحو (قَطَعَتْ جَهِيزَةُ قَوْلَ كلّ خطيب)(٢) ويضرب لمن يأتي بالقول الفصل ... وهكذا بقية الأمثال السائرة.
  ونحو قول الشاعر:
  إذ جاء موسى وألقى العصا ... فقد بطل السحرُ والساحر
  وقول آخر:
  إذا قالت حَذَامٍ فَصدقوها ... فإن القولَ ما قالت حذام
  وقول آخر:
  متى يُبلغُ البنيانُ يوماً تمامه ... إذا كنت تبنيه وغيرُك يهدم
  وإذا فشت وشاعت الاستعارة التمثيلية، وكثر استعمالها أصبحت مثلاً،
(١) مأخوذ من المثل: (نفخت لو تنفُخُ في فحم) (انظر هامش أمثال الميداني (٢٧٤/ ٢).
(٢) أصل المثل: أن قوماً اجتمعوا للتشاور في الصلح بين حبَّين من العرب قتل رجل من أحدهما رجلاً من الآخر، وبينما خطباؤهم يتكلمون، إذا جارية تدعى (جهيزة) أقبلت فأخبرتهم أن أولياء المقتول ظفروا بالقاتل، فقتلوه فقال أحدهم (قطعت جهيزة قول كل خطيب) فذهبت مثلاً. (انظر مجمع الأمثال للميداني).