أقسام المجاز
الفصل الخامس بلاغة الاستعارة
  الاستمارة صورة من صور التوسع والمجاز في الكلام، وهي من أوصاف الفصاحة والبلاغة العامة التي ترجع إلى المعنى.
  وإذا كان البلاغيون ينظرون إلى المجاز والتشبيه والاستعارة والكناية على أنها عمدُ الإعجاز وأركانه، وعلى أنها الأقطاب التي تدور البلاغة عليها، وتوجب الفضل والمزية، فإنهم يجعلون المجاز والاستعارة عنوان ما يذكرون وأول ما يوادون.
  وإذا كانت الاستعارة في أصلها مرتكزة على أساسٍ من التشبيه، فبلاغة التشبيه أصلاً تقوم على أساسين: الأول تأليف ألفاظه، والثاني ابتكار مشبه به بعيد عن الأذهان، لا يحول إلا في نفس أديب: وهب الله له استعداداً سليماً في تعرف وجوه الشبه الدقيقة بين الأشياء، وأودعه قدرة على ربط المعاني، وتوليد بعضها من بعض إلى مدى بعيد لا يكاد ينتهي.
  أما الاستعارة فتستفيد من بلاغة التشبيه وتزيد عليه أن جوهرها يعتمد على تناسي التشبيه، ويحملك عمداً على تخيّل صورة جديدة تُنْسيك روعتها ما تضمنه الكلام من تشبيه خفي مستور(١)
(١) البلاغة الواضحة من ١٣٥.