البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

بين الفصاحة والبلاغة

صفحة 41 - الجزء 1

  يكون البسيط الذي يخاطب الفقراء والمساكين والعامة والكادحين باللغة التي يرتاحون إليها ويفهمون.

  وتفيض كتب النقد بأخبار الشعراء الذين أخطأهم التوفيق في هذا المجال، واستحقوا نقداً أو لوماً أو توبيخاً.

  من هذه الأخبار أنَّ أبا النّجم دخل على هشام بن عبد الملك وأنشده:

  صفراء قد كادت ولما تفعل ... كأنَّها في الأفقِ عَينُ الأَحوَلِ

  وكان هشام أحول العين، فأمر بحبسه.

  ومدح جرير عبد الملك بن مروان بقصيدة مطلعها: «أتصحو أم فؤادك غير صاح» فاستنكر عبد الملك هذا المطلع وقال له: بل فؤادك أنت.

  وحمل علماء الذوق على البحتري حين بدأ إحدى قصائده المادحة بقوله: «لك الويل من ليل تَقاصَرَ آخِرُه».

  وأنشد ابن قيس الرقيات⁣(⁣١) عبد الملك بن مروان قصيدته البائية فيه، فلما انتهى إلى قوله:

  يأتلق التاج فوقَ مَفرَقِه ... على جبين كأنه الذهب

  غضب عبد الملك وقال له: قد قلت في مصعب بن الزبير:

  إنما مُصْعَب شهاب من اللهِ ... تَجَلَّت عن وجهِهِ الظَّلمَاءُ

  فأعطيته المدح بكشف الغُمَم، وجلاء الظُّلَم، وأعطيتني من المدح ما لا


(١) اسمه: عبيد الله بن قيس. من بني عامر كان شاعر قريش أيام الأمويين. مقيماً في المدينة المنوّرة. وخرج معه مُصعب بن الزبير على عبد الملك فظفر به ثم عفا عنه. ولقب بالرقيات لغزله بثلاث نسوة، كلُّ واحدة اسمها رقيَّة. ت نحو ٨٥ هـ / ٧٠٤ م. الأعلام ٣٥٢/ ٤.