علوم البلاغة بين التطور والتاريخ
  ما يُحتاج إليه من الأمثلة والشواهد وسميته «تلخيص المفتاح»(١)».
  ثم بدا للقزويني أن «تلخيصه» لا يفي بالغرض، وأنه مختصر إلى حد كبير، فعاد لوضع كتاب آخر يشرح فيه التلخيص وأسماه «الإيضاح شرح تلخيص المفتاح».
  وتتابع المؤلفون بعد القزويني يشرحون التلخيص، ويوضحون الإيضاح، ويدورون حول المفتاح، لا يزيدون البلاغة إلا تعقيداً وتقعيراً.
  وجئنا اليوم، فإذا المفتاح والتلخيص، والإيضاح هي كتب بلاغتنا نقتفي آثارها، ونسير على نهجها، وكل ما نصنعه، إذا رغبنا في تجديد أو تحديث، هو أن نغير مَثَلاً بمثل، ونضع بيتاً شعرياً مكان بيت. ثم يبقى كل شيء سوى ذلك على ما كان عليه.
  ***
  تلك هي قصة هذه العلوم، البلاغية المعاني، والبيان والبديع، وتلك هي خلاصة تاريخها وتطوّرها.
  أما سبيلنا في هذا الكتاب فينقسم إلى قسمين، قسم نجري فيه مجرى علماء البلاغة البلغاء، فنسبر النصوص، ونتعمّق فيها لنصل إلى سر جمالها وروعة بيانها، وقسم آخر نحافظ فيه على القواعد التي ترسخت واستقرت في معظم الكتب الحديثة. وبهذا الجمع بين طريقتي أرباب الفهم والذوق وأرباب العلم والقواعد نكون قد أوفينا هذا العلم بعض حقه، قَدْرَ ما نستطيع بإذن الله وتوفيقه.
(١) الموجز في تاريخ البلاغة ص ١٠٨