البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

تأكيد المدح بما يشبه الذم وتأكيد الذم بما يشبه المدح

صفحة 96 - الجزء 3

تأكيد المدح بما يشبه الذَّم وتأكيد الذَّم بما يشبه المدح

  هذا الأسلوب من أساليب المبالغة في المدح، أو في الذَّم، لا يقدر عليه إلا من أوتي حظاً من القدرة على تصريف القول، وتحسين الكلام، وإنشاء الأدب الرفيع البديع.

  وقد أحسن ابن المعتز | حين جعله لوناً من ألوان البديع في كتابه المشهور، وسماه (تأكيد المدح بما يشبه الذَّم⁣(⁣١)) وعلى خُطاه مشى كلّ من جاء بعده من العلماء والمؤلفين.

  ولئن سمى بعض العلماء هذا الأسلوب بأسماء أخرى تخالف ما سماه ابن المعتز، إن تلك التسميات لم تثبت، ولم يأخذ بها أحد سوى أصحابها وارتفعت راية تسمية ابن المعتز ولا تزال مرفوعة فمن تسمياتهم «الاستثناء» قالها العسكري في كتاب الصناعتين⁣(⁣٢) و «المدح في معرض الذم» و «الهجْو في معرض المدح» قالهما ابن حجَّة وابن معصوم ورداهما


(١) كتاب البديع «نشر كراتشقوفسكي» وطبع دار الحكمة بدمشق ص ٦٢.

(٢) الصناعتين ص ٤٥٦ والخزانة ٩/ ٢ وفي تهذيب الإيضاح ٨٤/ ١ العبارة التالية (وقال المبرد: هذا القبيل من المدح يُسمى: الاشتباه)، ويبدو لنا أن في كلمة «الاشتباه» تصحيفاً، في غالب الظن، لكلمة «الاستثناء»، وان أقدم من ذكر «الاستثناء» هو ابن سلام أو ابن الأعرابي، وعنه اخذ أبو العباس تعلب لا المبرد.