البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

تأكيد المدح بما يشبه الذم وتأكيد الذم بما يشبه المدح

صفحة 102 - الجزء 3

  وظبي ثناياه الصحاح كما ترى ... من الريق يرويها الرُّضاب المبرد

  وقد حاز أشتات البها غير أنه ... له مقلة كحلا وحد مورد

  وزاد بعض المؤلفين ضرباً ثالثاً من تأكيد المدح بما يشبه الذَّم فقال هو أن يأتي الاستثناء فيه مفرغاً، فلا يُذكر المستثنى منه، ويكون العامل قبل «إلا» ممَّا فيه معنى الذَّم، كما يكون المستثنى بعد أداة الاستثناء مما فيه معنى المدح. مثال ذلك قوله تعالى: {وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا}⁣[الأعراف: ١٢٦].

  لقد حذف المستثنى منه قبل إلا، وكان العامل فيه يتضمن معنى الدم وهو «تنقم» وأما المستثنى الذي جاء بعد «إلا» فقد تضمن معنى المدح، وهو «أَنْ أَمَنا بآيات ربنا».

  ومثال ذلك قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا}⁣[المائدة: ٥٩].

الخلاصة

  تأكيد المدح بما يشبه الدم يكون على أضرب.

  ١ - أن يستثنى من صفة ذم منفية صفة مدح.

  ٢ - أن يثبت لشيء صفة المدح، ويُؤتى بعدها بأداة استثناء، تليها صفة مدح أخرى.

  ٣ - أن يؤتى بالاستثناء مفرغاً، ويتضمن ما قبل الاستثناء معنى الدم، وما بعده معنى المدح.

  ***

  أما تأكيد الذَّم بما يشبه المدح فأسلوبه شبيه بأسلوب سابقه، وله ضربان: