طرفة لطيفة
  محروس)، «هزم حمزه» و «حمار رامح» و (حُوتٌ فمه مفتوح و {كُلٌّ فِي فَلَكٍ}[الأنبياء: ٣٣] {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ٣}[المدثر] و «لُذ بكل مؤمل إذا لَمْ وَمَلِك بذل» و «كبر رجا أجر ربك».
طرفة لطيفة
  ويحكى في هذا الصَّدد أنَّ أحد الملوك عزم على غزو عدو له، فأرسل قبل ذلك جاسوساً ليتعرَّف أحوال هذا العدو، ومدى استعداده للحرب، فتنبه العدوّ للجاسوس وقبضوا عليه، وأرغموه على كتابة رسالة لمن أرسله يقول له فيها: «إن العدو ضعيف فأقدم على غزوه بسرعة» فكتب إليه ما يلي:
  (أما بعد، فقط أحطت علماً بالقوم، و «أصبحت مستريحاً من السعي» في تعرف أحوالهم، وإنّي «قد استضعفتهم» بالنسبة إليكم، وقد كنت أعهد من أخلاق الملك المهلة في الأمور «والنظر في العاقبة»، ولكن ليس هذا وقت النًّظر في العاقبة، فقد تحققت «أنكم الفئة الغالبة بإذن الله». وقد رأيتُ من أحوال القوم ما يطيب به «قلب» الملك: «نصحتُ فدع ريبك ودع مهلك والسَّلام».
  فلما انتهى الكتاب إلى الملك قرأه على رجاله، فقويت قلوبهم، وصحَّت عزائمهم على الخروج، ثم إنَّ الملك خلا بخاصتَّه من الكبراء وأهل الرأي، وقال: أريد أن تتأملوا هذا الكتاب، فإنّي شعرت منه بأمر، وإني غير سائر حتى أنظر في أمره.
  فقال بعضهم: ما الذي لحظ الملك من الكتاب، قال: إنّ فلاناً من الرَّجال ذوي الحصافة والرأي، وقد أنكرتُ ظاهر لفظه، فتأملت فحواه، فوجدت في باطنه خلاف ما يوهم الظاهر من ذلك في قوله «أصبحت مستريحاً من السعي» فيريد أنَّه محبوس وقوله: «استضعفتهم بالنسبة إليكم» يريد أنهم ضعفنا لكثرتهم. وقوله «إنكم الفئة الغالبة بإذن الله» يشير إلى قوله تعالى: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ}[البقرة: ٢٤٩]. وقوله (رأيت من أحوال القوم ما يطيب به «قلب» الملك) فإنّي تأمّلت ما بعده فوجدت أنه يريد بالقلب: العكس، لأنّ الجملة الآتية مما يوهم ذلك، فقلبت الجملة وهي