والإسقاط على نوعين
  ولقد علمت - إذا العشار - تروحت ... هدج الرثالِ، تَكُبهنَّ شمالا(١)
  ترمي العضاء بحاصب من ثلجها ... حتى يبيت على العضاء جفالا(٢)
  أنَّا نُعَجِّلُ بالعبيط لضيفنا قبل ... العيال، وتقتل الأبطالا(٣)
  ونظم الحريري قصيدة طويلة على هذه الشاكلة أوردها في المقامة الثالثة والعشرين «الشعرية»(٤) وبنى على الأبيات قصة لطيفة. والأبيات هي:
  يا خاطب الدُّنيا الدَّنِيَّةِ إِنَّهَا ... شَرَك الردى ... وقرارة الاكدار
  دار متى ما أضحكت في يومها ... أبكت غدا ... تبا لها من دار
  وإذا أظل سحابها لم ينتقع ... منه صدى ... لجهامة الغرار
  غاراتها ما تنتهي واسيرها ... لا يفتدى ... بجلائل الأخطار
  كم [مزدهي] بغرورها حتَّى بدا ... متمرداً ... متجاوز المقدار
  قلبت له ظهر المجن وأولغت ... فيه المدى ... ونزت لأخذ الثار
  قارباً بعمرك أن يمر مضيعا ... فيها سدى ... من غير ما استظهار
  واقطع علائق حبها وطلابها ... تلق الهدى ... ورفاهة الأسرار
  وارقب إذا ما سالمت من كيدها ... حرب العدى ... وتوئُب الغدار
  واعلم بأن خطوبها تفجا ولو ... طال المدى ... وونت سرى الأقدار
  وتصير القصيدة بعد إسقاط الجزأين الأخيرين من كل عجُز:
  يا خاطب الدنيا الدَّنِيَّةِ ... إنَّها شرك الردى
  دار متي ما أضحكت ... في يومها أبكت غدَا
  وإذا أظل سحابها ... لم ينتقع منه صدي
  غاراتها ما تنقضي ... واسيرها لا يفتدى
  كم [مزدهي] بغرورها ... حتى بدا متمردا
(١) العشار: جمع عشراء وهي الناقة التي أتى على حملها عشرة أشهر، وتروحت: رجعت في العشي. والرثال: جمع رآل هو ولد النعام. وتكب: ترمي. والهدج: العدو المقارب من مرض أو كبير.
(٢) العضاه شجر ذو شوك. الحاصب الريح الحاملة لنثار الثلج، والجفال ما تراكب وتراكم.
(٣) العبيط ما نُجر من غير هرم ولا عدلة، و هو الطري.
(٤) انظر ص ٩٩ - ١٠٦ شرح مقصوره ابن دريد، طبع حلب ١٩٧٨ م تجد قصيدة لابن دريد على هذه الشاكلة.