البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

التشريع أو ذوات القوافي

صفحة 176 - الجزء 3

  قلبت له ظهر المجن ... وأولغت فيه المدى

  فاريا بعمرك أن يمر ... مضيعاً فيها سدى

  واقطع علائق حبها ... وطلابها تلق الهدى

  وارقب إذا ما سالمت ... مين كيدها حرب العدى

  واعلم بان خطوبها ... تفجا ولو طال المدى

  ***

  مثال النوع الثاني: «الإسقاط من آخر الشطرين الأول والثاني»:

  قال صفي الدين الحلي في إحدى قصائده:

  فلو رأيت مصابي عندما رحلوا ... رئيت لي من عذابي يوم بينهم

  وهو من البحر البسيط، ويصبح بعد إسقاط جزأيه من مجزوء المُجتث على الصورة التالية

  فلو رأيت مصابي ... رثيت لي من عذابي

  ويعلق ابن حجة الحموي على هذا اللون البديعي بنوعيه بقوله ولا شك أن هذا النوع لا يأتي إلا بتكلف: زائد وتعسف، فإنه راجع إلى الصناعة، لا إلى البلاغة والبراعة، إذ وقوع مثل هذا النوع في الشعر من غير قصد له نادر، ولا يحسن أن يكون في النثر، فإنَّه ما يقع فيه إلا ترصيعاً، ولا يظهر حسنه إلا في النظم، لأن فيه الانتقال من وزن إلى وزن آخر، فيحصل بذلك من الاستحسان ما لا يحسن في النثر، لأن النشر على كل حال كلام مسجوع، ليس فيه انتقال من وزن إلى وزن. وأوسع البحور في هذا النوع الرجز، فإنه قد وقع مستعملاً تاماً، ومجزوءاً، ومشطوراً، ومنهوكاً، فيمكن أن يعمل للبيت منه أربع قواف.

  فإذا أسقطت ما بعد القافية الأولى بقي البيت منهوكاً.

  وإذا أسقطت ما بعد الثانية بقي البيت مشطوراً

  وإذا أسقطت ما بعد الثالثة بقي مجزوءاً.

  وإذا لم تسقط شيئاً كان تاماً.