المبحث الثاني الإنشاء
  كذلك فإن بإمكاننا أن نقول: إن المتنبي صادق في فخره أو كاذب، ولكنا لا نستطيع تكذيب أبي فراس في ندائه لجارته، وفي دعوتها للمجيء؛ لأن التصديق والتكذيب لا يكونان في كلام ليس له وجود قبل النطق به(١).
أقسام الإنشاء
  الإنشاء نوعان: طَلَبي، وغير طَلَبّي.
  فالإنشاء الطلبي: هو ما يستدعي مطلوباً غير حاصل وقت الطلب وأنواعه: التمني، والاستفهام، والأمر، والنهي، والنداء. وسيأتي تفصيل الحديث عنها بعد قليل.
  منها:
  أما الإنشاء غير الطلبي: فهو ما لا يستدعي مطلوباً. وله صيغ عدة.
(١) أساليب المدح والذم
  تقول: نعم الخليفة عمرُ، وبئس الرفيق سميرٌ.
  وحبذا صحبةُ المكتب، ولا حبذا الصديق خالدٌ.
  ويدخل في ضمن أساليب المدح والذم: الأفعال المحولة إلى معنى المدح والذم كقولك: طابَ على نَفْساً، وخَبُث خالد أصلاً.
(١) عدم احتمال الأسلوب الإنشائي للتصديق والتكذيب إنما هو بالنظر إلى ذات الأسلوب، بغض النظر عما يستلزمه، وإلا فإن كل أسلوب إنشائي يستلزم خبراً يحتمل الصدق والكذب.
فقول الشاعر: «أيا جارتا» يستلزم خبراً هو أنا «أناديك يا جارتي» وقوله: «تَعالَيْ» يستلزم خبراً هو أنا طالب منك المجيء وهكذا.
فالخبر الذي يستلزمه الأسلوب الإنشائي ليس مقصوداً لذاته، ولا منظوراً إليه، وإنما المقصود والمنظور إليه هو ذات الأسلوب الإنشائي، وبذلك يكون عدم احتمال الإنشاء للصدق والكذب إنما هو بالنظر إلى ذات الإنشاء.