البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

المبحث الثاني الإنشاء

صفحة 78 - الجزء 1

  ويبدو أن «ليت» وحدها الأداة التي يعبر بها عن طلب المستحيل، أو بعيد المنال، وهي أداة التمني الرئيسة.

  وقد يشركها في طلب التمني أدوات أخرى، أقل منها شأناً، وقد كانت في أصلها مخلوقة لأغراض أخرى، ثم أصبحت تعاون ليت في أغراضها.

  تلك الأدوات هي: هل، ولو، ولعلّ، وهلا، وألا.

  فـ «هل» أداة استفهام في الأصل، ولكنها تنتقل من معنى الاستفهام إلى ما يشبه التمني في بعض الأساليب، فلو قلت لإنسان لا تحلم أن يزورك: هل لك أن تشرفني بزيارتك؟ فقد أشربت سؤالك بتمن أو رجاء؛ وكذلك يقول البلاغيون عن قوله تعالى على لسان الكافرين يوم القيامة: {فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا}⁣[الأعراف: ٥٣] إذ لما كان عدم وجود من يشفع لهم معلوماً لديهم امتنع تأويل الآية بالاستفهام، وانتقل إلى معنى التمني.

  و «لو» حرف شرط غير جازم، وامتناع لامتناع عند النحويين. لكنها قد تكون أداة للتمني كذلك في عرف البلاغيين، كقوله تعالى: {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ١٠٢}⁣[الشعراء] حكاية عن الذين كفروا في الحياة الدنيا، ووجدوا عاقبة كفرهم يوم القيامة، وحينئذ راحوا يتمنون أن لو عادوا كرّة ثانية إلى الدنيا، إذاً لكانوا في مقدمة مواكب المؤمنين. لكن هيهات ما تمنوا