علم المعاني
  ومن تمنيات البهاء زهير(١):
  يا عاذلي أنا من سمعت حديثه ... فَعَساك تحنو أو لعلك ترفُقُ
  لو كنتَ منا حيث تسمعُ أو ترى ... لرأيت ثوبَ الصَّبر كيف يُمَزَّقُ
  ورأيت ألطَفَ عاشقين تشاكيا ... وعجبت ممن لا يحب ويعشق(٢)
  لقد أفعم الشاعر أبياته بالأماني، واستخدم في سبيل ذلك الأدوات الملائمة لهذه الأماني: فَعَساك تحنو، لعلك ترفق، لو كنت منا. ولكن بالله متى كان العذول يحنو، أو يرفق بالمحبين؟ وهل يمكن أن يكون من العاشقين؟ إنه لو كان كذلك لخرج من زمرة العاذلين.
  و «لعل» أداة ترج. والترجي ممكن الوقوع والحدوث غالباً(٣) وأدواته شتى. ولكن هذه الأداة «لعلَّ» تشرب معنى عدم توقع الحصول، وبُعد تحقيق المرجوّ، فتنقلب من الرجاء إلى التمني مع الشاعر:
  أسربَ القطا هل مَن يُعيرُ جَناحَهُ ... لعلي إلى مَن قَد هَويتُ أطيرُ(٤)
  مستحيل مستحيل أن يعير الطير، جناحه، ومن غير المعقول والممكن أن يطير الإنسان طيراناً حقيقياً إلى أحبائه الذين يهواهم.
  و «هلا» و «ألا». وهما حرفا تنديم إذا سبقتا الفعل المضارع نحو: هلا تقوم! وألا تجيء معي!
(١) اسمه زهير بن محمد المهلبي، بهاء الدين، شاعر، كاتب، يقول الشعر ويرققه فتعجب به العامة، وتستملحه الخاصة ولد بمكة، ونشأ، بقوص وخدم الملك الصالح أيوب بمصر. له ديوان شعر. ت ٦٥٦ هـ / ١٢٥٨ الأعلام ٨٨/ ٣. م.
(٢) شرح ديوان بهاء الدين زهير ص ١٧٠، ومطلع القصيدة: وَعَدَ الزيارة طرْفُه المتملق.
(٣) نعود هنا لنذكر أن ما أدرجه البلاغيون تحت عنوان «الإنشاء غير الطلبي» وذكروا أسلوب الرجاء بين أنواعه، جدير أن يرفع من مكانه السابق ويلحق بالإنشاء الطلبي قسم التمني.
(٤) ديوان العباس بن الأحنف ص ١٤٣ وينسبه بعضهم إلى مجنون بني عامر الأموي.