المبحث الثاني الإنشاء
  فالشاعر يبكي حسرة على ما آلت إليه منازل أهله وبلده، وقد كان سبيله إلى هذه الحسرة ذلك الاستفهام التحسري.
(١٥) التنبيه على ضلال
  كقوله تعالى: {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ٢٦}[التكوير].
  فإنه يشير بطريقة الاستفهام إلى أن سبيلهم الذي يسلكونه سبيل غير صحيح.
  ***
  وبعد، فليس لمعاني الاستفهام حصر وليس يمكن أن تُحَجَّرَ في قوالب أو قواعد، فيقال: هذا الاستفهام للتقرير وحده، أو لمعنى التعجب ليس إلا، أو للتشويق ولا يحتمل غير ذلك.
  إن ذلك بعيد عن روح الاستفهام والبلاغة جملة وتفصيلاً. وإن القواعد المتحجرة المتصلبة لا تكون في هذه الأساليب أبداً.
  القاعدة الرئيسة في الاستفهام وفي غير الاستفهام محكومة بسياق الكلام، تابعة لروح المتكلم أو لروح المخاطب، أو لمقتضى الحال.
  لنأخذ على سبيل المثال الأداة كيف التي قالوا: إنها للسؤال عن الحال. نحو: كيف الصحة؟ لكن إذا وجدنا الشاعر يسأل حبيبه:
  حبيبي كيف حتى غبت عني ... أتعلم أن لي أحداً سواكا؟(١)
(١) شرح ديوان بهاء الدين زهير ص ١٨٦ ط. صادر ومطلع القصيدة نهاك عن الغواية ما نهاكا.