البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

المبحث الثاني الإنشاء

صفحة 99 - الجزء 1

  الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}⁣[البقرة: ١٨٧].

(٧) التعجيز

  وهو طلب المخاطب تنفيذ أمر أشبه بالمستحيل، ليظهر عجزه، ويبين ضعفه، تحدياً واستضعافاً مثل ذلك تحدي القرآن الكريم لأفذاذ العرب الذين يرتابون فيه ويشكون في نزوله على حضرة الرسول الكريم -: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ٢٣}⁣[البقرة] وهيهات أن يستطيعوا نظم سورة من مثله، أو عددٍ من الآيات.

  وشبيه بالتعجيز مخاطبة الفرزدق لخصمه جرير:

  أولئك آبائي فجثني بمثلهم ... إذا جمعتنا يا جرير المجامِعُ⁣(⁣١)

(٨) التهديد

  وهو طلب، ليس فيه استعلاء ولا إلزام وإنما فيه قوة، وتهديد، ووعيد للمخاطب. كأن يقول والد لولده أهمل دروسك وسوف تتحاسب! ومثله قوله تعالى في خطاب الملحدين: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ٤٠}⁣[فصلت].

  وكقول الشاعر:

  إذا لم تَخْشَ عاقبة الليالي ... ولَم تَسْتَحْيِ، فاصنع ما تشاءُ


(١) ديوان الفرزدق ص ٤١٨ (ط. دار صادر).