[فوائد من سورة يوسف]
  اليأس من إيمان الكفار.
  - ما هي الحكمة من تأخير النصر عن أولياء الله من الرسل والمؤمنين؟
  يقال: في ذلك مصالح عظيمة يظهر لنا منها بالتأمل:
  ١ - الاختبار والابتلاء للمؤمنين فإن بذلك يتميز المؤمن من المنافق، ومن هنا قال بعض أصحاب نبينا محمد ÷ يوم الخندق ما حكاه الله تعالى في سورة الأحزاب: {مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ١٢}[الأحزاب].
  ٢ - أن النصر بعد طول انتظاره، وبعد اليأس من قرب نزوله يكون أوقع وأحلى في النفس، فتستعظمه النفس، ويجل قدره عندها، فتندفع النفس إلى شكر الله على هذه النعمة العظيمة، وتبالغ في شكرها وذكرها وحمد الله عليها، والثناء عليه تعالى بها، وهذا بخلاف ما لو جاء النصر قبل الانتظار الطويل، وقبل ما ذكرنا فإنه لا يكبر موقعه في النفس، ولا ... الخ.
  ٣ - أن في التأخير إبلاغ المعذرة والزيادة في إكمال الحجة على الكافرين المكذبين بالرسل À، فإن في تطويل المدة قطع معاذير المكذبين فلعلهم يقولون يوم القيامة - لو كانت المدة قصيرة -: لو طولت لنا المدة يا ربنا ومهلتنا، لانكشف لنا الحق، واتضح الصواب، وتبين لنا صدق دعوة رسلك، ولكنك أخذتنا بالعذاب قبل أن ينكشف لنا الحق والصواب.
  فمن هنا قلنا: إن في تأخير النصر وطول انتظاره قطع معاذير المكذبين.
  - أما تأخير نزول الغيث إلى حد يقنط فيه الناس من نزوله - ففي ذلك من الحكمة استعظام النعمة بنزوله، وجلالة موقعها في النفوس، فتندفع النفوس إلى شكر الله و ... الخ.
  - قوله تعالى: {إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ٨٧}[يوسف]: لا تنافي بين هذه الآية وبين الآية الأولى، فيأس الرسل والمؤمنين متعلق بقرب مجيئ النصر، ولم ييأسوا من مجيئه، ومن هنا قال المؤمنون يوم الأحزاب حين بلغت