زبر من الفوائد القرآنية ونوادر من الفرائد والفرائد القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[فوائد من سورة النحل]

صفحة 129 - الجزء 1

  الفواحش والمآثم، وبلغوا في ذلك الغاية والنهاية؛ فعند ذلك يستحقون العقاب، وفي هذه الحال يريد الله بهم النكال غير أن حكمته تعالى وهو الحكيم العليم اقتضت ألا يفعل بهم ذلك النكال الذي استوجبوه إلا بعد أن يرسل إليهم الرسل تأمرهم بالطاعة، وتنهاهم عن المعاصي؛ لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، وتماماً كما قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا ...} الآية [طه: ١٣٤].

  فلما لم يقبلوا أوامر الله تعالى وبيناته التي بلغتها إليهم الرسل، ولم ينتهوا عما هم فيه، بل تمردوا وفسقوا فيها - فهنالك حق عليهم العذاب، فدمرهم الله تدميراً، وهكذا سنة الله تعالى في الأمم التي قص علينا ذكرها في القرآن، فلم ينزل بأحد منها العذاب إلا من بعد الإعذار والإنذار.

  فإن قلت: لم خص الله تعالى المترفين بالذكر؟

  قلنا: لأن السيطرة والسلطان يكون بأيديهم في العادة، وسائر الناس تبع لهم فإن استجاب المترفون للدعوة استجاب المستضعفون، وإن أبوا أبوا.

  ومن هنا ذكر الله تعالى محاججة الفريقين، وما سوف يدور بينهم في النار، وفي يوم القيامة، فقال تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ ٣١ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ ٣٢ وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا ...} الآية [سبأ].

  وقال تعالى في سورة إبراهيم #: {وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ...} الآية [إبراهيم: ٢١]، وفي آية: {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ ٦٤}⁣[ص].