زبر من الفوائد القرآنية ونوادر من الفرائد والفرائد القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[فوائد من سورة الحجرات]

صفحة 210 - الجزء 1

  وحينئذ فلا منافاة بين ما ذكرنا وبين الآية التي صدرنا بها هذا الموضوع؛ لأن الآية تنفي المفاضلة في الأصل والنسب، وما ذكرنا من التفاضل هو في شيء آخر غير النسب.

  وقد تفضل قبيلة على قبيلة، وشعب على شعب بفضائل كالكرم والشجاعة وحسن الجوار ونصرة الضعيف والتعطف على المساكين، والتواضع، والقبض على أيدي سفهائهم من العدوان على الضعيف والمسكين وابن السبيل، ونصرة الحق والمحقين، وإغاثة الملهوف، والصدق، والوفاء بالوعد والعهد.

  وقد تنحط القبيلة وترذل بفعلها عكس ما ذكرنا من الفضائل.

  إذا فضل الله تعالى بعض القبائل على بعض أو بعض الشعوب على بعض فإنما هو لما فيهم من مكارم الأخلاق ومرضيها، ومن هنا جاء في الحديث المشهور خطاباً للصحابة: «خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا».

  وقد فضل الله تعالى أمة محمد ÷ على غيرها من الأمم فقال جل وعلا: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}⁣[آل عمران: ١١٠]، ففضلها الله تعالى لا من جهة النسب ولكن من جهة فعلها للمعروف وأمرها به، وتركها للمنكر ونهيها عنه.

  والمعروف هو: ما تعرفه العقول من مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال والأقوال، والمنكر: هو ما تستنكره العقول وتنفر عنه لفحشه ورذالته.

  ومن جهة تواضعها لله حين آمنت به وصدقت بكتبه ورسله وباليوم الآخر، وخضعت لطاعته، ولم تتكبر عن ذلك ولم تَرُدَّه كما يفعل المتكبرون، بل قالوا: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ٢٨٥}⁣[البقرة].

  وما فضل الله تعالى العرب على غيرهم ولا قريش ولا الأنصار ولا بني هاشم ولا أهل البيت إلا لمثل ما ذكرنا، ومن هنا قال تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}⁣[الأنعام: ١٢٤].

  وهذا الفضل الذي ذكرنا للشعوب والقبائل ليس المراد به كل فرد فرد من