زبر من الفوائد القرآنية ونوادر من الفرائد والفرائد القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[فوائد من سورة الحجرات]

صفحة 211 - الجزء 1

  الشعب أو القبيلة، بل المراد أن الفضل لجملة الشعب أو جملة القبيلة أو جملة الأمة.

  ودليل ذلك: أنه قد ثبت فضل أمة محمد ÷ على غيرها من الأمم، ولا شك ولا ريب أن في أمة محمد ÷ الكثير من الفاسقين والظالمين والمفسدين والمتكبرين، وثبت فضل قريش وفيهم ما فيهم من الجبابرة والفساق والظلمة، وثبت فضل بني هاشم وفيهم ما فيهم من الظالمين والفاسقين.

  ومن قبل فضل الله تعالى آل إبراهيم على العالمين، وآتاهم الكتاب والحكمة فكانوا كما وصفهم الله تعالى في القرآن بقوله: {فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ٢٦}⁣[الحديد].

  فإن قيل: هل فيما ذكرتم ما ينافي الحديث: «الناس سواسية كأسنان المشط ليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى».

  قلنا: إذا صح هذا الحديث فمعناه أن الناس في أصل أنسابهم سواء لا فضل لأحد على أحد من هذه الناحية وإنما يتفاضل الناس بالتقوى، وهذا لا يتنافى مع ما ذكرنا كما لا يخفى.

  إذا كان هناك رجلان مستويان في العلم والعمل والتقوى حسب ظاهر الحال فهما مستويان في الفضل من هذه الناحية ومع ذلك فيمكننا أن نقول: إن أحدهما أفضل نسباً من الآخر، وذلك بأن يكون أبوه وجده وجده الأعلى علماء أتقياء مصلحين آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر دون الرجل الآخر.

  والدليل على أن ذلك وجه تفضيل:

  ١ - قوله تعالى: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ}⁣[النمل: ١٩]، فإن نعمة الله تعالى على الأب نعمة على الابن يلزمه شكرها.

  ٢ - وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ}⁣[الطور: ٢١]، فأفادت هذه الآية أن الله تعالى يلحق الذرية الصالحة بمنازل آبائها الصالحين.

  يستوي المسلمون جميعاً - وإن تفاضلوا من جهات -: