[فوائد من سورة الجمعة]
  من ذلك: أن معصية الله تعالى تهدم الشرف الرفيع، وتذهب بالفضل والكرامة، وبمعصية الله يتحول العزيز إلى الذلة، وتتحول العظمة إلى صغار، {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا}.
  ١٨ - قد يستفاد من هنا أن معصية العالم أقبح وأفحش وأعظم عند الله تعالى من معصية الجاهل.
  ١٩ - يجب على المكلف الرضا بما اختاره الله تعالى وفعله، ولا يجوز له الانتقاد لحكم الله واختياره في صغير الأمور وكبيرها فإن الله تعالى عزيز حكيم لا يختار أمراً ولا يحكم بحكم إلا بعلم وحكمة، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ٤} وقد ذم الله اليهود وأخزاهم حين اعترضوا على الله تعالى أن بعث في الأميين رسولاً منهم.
  ٢٠ - ومما يزيد في قوة ما ذكرنا في رقم (١٨) أن الله تعالى ذكر في سورة الأعراف الذي آتاه الله تعالى العلم والحكمة ثم انسلخ عنه ولم يعمل به ومال إلى الدنيا والهوى، فذمه ثم مثله بالكلب: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ...} إلخ [الأعراف: ١٧٦]، فضرب الله تعالى أسوأ الأمثال للعلماء الذين لا يعملون بعلمهم.
  ٢١ - قد يستفاد من هذه السورة أن العلم بالله تعالى أهم العلم وأولها وأولاها، ويليه في الأهمية العلم بالأحكام العملية، وذلك من حيث أن السورة بدأت بتسبيح الله وتقديسه وتنزيهه وذكر أسمائه الحسنى وذكر رحمته بعباده ومنته بإرسال الرسول ÷، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور، وما يلحق بذلك، وما يتصل به من ذكر اليهود واعتراضهم على اختيار الله وحكمته وفضله العظيم، ثم بعد ذلك أرشد الله المؤمنين إلى ما يجب عليهم فعله في يوم الجمعة، وإلى أحكام صلاة الجمعة.
  ٢٢ - وفيما هنا بيان فضل العلم وشرفه: {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}.