[المنافقون في سورة التوبة]
  ثم قال تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ٨٠}[التوبة]، في ذلك:
  ١٩٤ - أن الصحابة كانوا يفزعون إلى النبي ÷ إذا صدر منهم معصية ليستغفر لهم: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}[آل عمران: ١٥٩]، {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا ٦٤}[النساء].
  ١٩٥ - فكان المنافقون يذهبون إلى النبي ÷ ليستغفر لهم لا رغبةً في مغفرة الله وطمعاً في عفوه وخوفاً من بأسه، ولكن ليغطوا على نفاقهم ويُدَلِّلُوا بذلك على انخراطهم في سلك المخلصين، ويموهوا بذلك على النبي ÷ والمؤمنين.
  ١٩٦ - في ذلك تأكيد بأن الله تعالى لا يغفر للمنافقين والكافرين والفاسقين، وأنه لا تقبل فيهم شفاعة الشافعين لا شفاعة رسول الله محمد ÷ ولا غيره.
  ثم قال سبحانه: {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ ٨١ فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ٨٢}[التوبة]، في ذلك:
  ١٩٧ - ذمَّ الله تعالى المنافقين بعدة مذام في هذه الآية:
  ١ - بقعودهم في المدينة حين خرج رسول الله ÷ إلى غزوة تبوك.
  ٢ - بفرحهم بالقعود حين خرج الرسول ÷ إلى تبوك.
  ٣ - وبكراهتهم للجهاد بأموالهم مع رسول الله ÷.
  ٤ - وبكراهتهم للجهاد بأنفسهم مع رسول الله ÷.
  ٥ - وبإدلائهم برأيهم {لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ} ليخذلوا المسلمين عن الخروج للغزو مع رسول الله ÷.
  وفي ذلك دليل على أن تلك الخمسة الأرقام محرمة.