[تعليم آدم الأسماء كلها]
  لم أطلع على جوابه، ولم أجد مَنْ تعرَّض للإجابة عنه، والسؤال هو:
  من أين ظهرت كرامة آدم ورفيع منزلته عند الملائكة في حال أن آدم # خُصَّ دون الملائكة بتعليمه الأسماء، ولو أنه تعالى علم الملائكة لأجابوا كما أجاب آدم؟
  والجواب على هذا السؤال هو:
  ١ - ظهرت كرامة آدم # من حيث إنه أهل لحمل العلم وقبوله للتعليم، فيكون بسبب اتصافه بهذه الصفة رفيع المنزلة، ولا يكون للملائكة $ في صفة حمل العلم مزية على آدم؛ فلما عرفت الملائكة أن آدم # أهل لحمل العلم عن الله، وسمعوا آدم وهو يلقي عليهم العلم تبينوا حكمة الله في خلق آدم، وظهر لهم خطأهم في الاعتراض على الله.
  ٢ - أقول: من الممكن أن قوة الملائكة على حمل العلوم مختلفة عن قوة البشر وأبي البشر اختلافاً فطرياً، فقد يكون الله تعالى فطر الملائكة على القوة على حمل نوع من العلم أو أنواع منه، أو فطر بعضاً من الملائكة على حمل نوع أو أكثر، وفطر بعضاً على حمل نوع آخر، وهكذا على حسب المصلحة والحكمة، وعلى حسب التكليف؛ فلما سمعت الملائكة $ ما ألقاه إليهم من الأسماء علموا أنه أفضل منهم في هذه الصفة، وأن الله قد رفعه عليهم في هذا المجال.
  وقد يتأيد هذا الجواب بعدة أمور:
  - أنه قد ورد أن الملائكة أصناف، فصنف وظيفتهم التسبيح: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ ٢٠}[الأنبياء]، لا وظيفة لهم سوى ذلك، ومنهم ... ومنهم ... إلخ.
  فمن كانت وظيفته التسبيح الليل والنهار لا يفترون ليس بحاجة أصلاً لعلم ما في الأرض، فلا يحتاج إلى العلم بآلات الحراثة وآلات الصناعة وآلات الزراعة، ولا إلى العلم بالحيوانات، وما يحل منها وما يحرم، ولا حاجة لهم إلى العلم بالحدود والقصاص والمضاربة، ولا ... إلى آخر علوم المعاملة.