قصة نبي الله داود ~ في سورة (ص)
  نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ ٢٣ قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ٢٤ فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ ٢٥ يَادَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}[ص]، صدق الله العلي العظيم.
  قد روي في تفصيل هذه القصة روايات لم تطمئن إليها النفس؛ لما فيها من الخدش في مقام نبي الله داود #.
  والذي ينبغي أن تفسر به هذه القصة حسبما تشير إليه هذه الآيات أن نبي الله داود # رغبت نفسه في بعض نساء قومه من غير أن يصدر منه قول أو فعل سوى ذلك، على الإطلاق لمقام العصمة.
  أما رغبته وميل قلبه إلى تلك المرأة فهو ناتج عن طبيعة الإنسان، وليس بمعصية، إلا أن مقام داود # من النبوة، وما هو عليه من وفرة النساء والتمكن، وما بسط الله تعالى له من سوابغ النعم - ينادي بأنه لا ينبغي لمثله أن يخطر بباله ذكر شيء من متاع الدنيا، مع ما هو فيه من كثرة متاعها وسوابغ نعيمها.
  فلما ذكر داود في نفسه بعض نساء قومه عاتبه الله، واستنكر عليه ذلك الخاطر النفسي الذي ما كان ينبغي أن يخطر في باله مع ما أعطاه الله تعالى من كثرة النساء.
  فبعث الله إليه ملكين، دخلا عليه في مكان خلوته حيث لا يدخل عليه أحد، ففزع منهما، فقالا له: لا تخف، نحن جئناك متخاصمين نريد أن تقضي بيننا، فقصا عليه القصة ... إلى آخرها.
  فعرف داود أخيراً أمرهما، وأنهما إنما جاءا لينبهانه على خطئه الذي ما كان ينبغي لمثله؛ فاستغفر الله وأناب إليه.
  فينبغي أن يقتصر على ما ذكرنا مما نسب إلى نبي الله داود #، ولا يجوز أن