[فتنة نبي الله سليمان # وقصته مع الخيل]
  - وأما الأمر الثاني، وهو قوله تعالى: {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ ٣٤}[ص]: الجملة معطوفة على الجملة التي قبلها، ويخيل إلي أن ذلك من عطف الخاص على العام، ليدل على أن ذلك أعظم ما ابتلي به سليمان #.
  والجسد الذي ألقاه الله تعالى على كرسيه هو جسد سليمان #، ونَكَّرَه للتعظيم، وهو من باب التجريد كقولك: رأيت من زيد رجلاً صالحاً؛ فالرجل الْمُنَكَّر هو زيد في المثال.
  وكرسي سليمان، هو: الملك الذي ورثه من أبيه داود @.
  والمعنى كما أتخيل أن الله تعالى وضع سليمان على ملك داود، وجعله ملكاً على ذلك، وأمده بأسباب العظمة والقوة والنفوذ والسيطرة و ... إلخ.
  وقوله تعالى: {ثُمَّ أَنَابَ} يخيل إلي أن المعنى أن الله تعالى اختبر سليمان بجلائل النعم، وعلى رأسها الملك فكان في اختباره كما يحب الله ويرضى مطيعاً شاكراً صابراً.
  ووجه العطف بـ «ثم» يدل على أن إنابة سليمان إلى الله وشكره لنعم الله أفضل مما أوتيه من الملك، وأعظم منزلة عند الله.
  فهي مثل قوله تعالى في إبراهيم بعد ابتلائه بالكلمات «فأتمهن»، وإنما عطف هنا بـ «ثم» وهناك بالـ «فاء» ليبين فضل إنابة سليمان إلى الله وشكره له، وتوجهه فيما أولاه إلى خالقه، والتحري لطاعته على الملك العظيم الذي أوتيه سليمان #، وثم هي التي دلت على ذلك.
  هذا ما أستحسنه في تفسير الآية، وقد ذكروا في تفسيرها غير ذلك إلا أني لم أطمئن إلى شيء مما هنالك.
  فإن قيل: إن قوله تعالى: {ثُمَّ أَنَابَ} وقوله حكاية عن سليمان #: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي ...} الآية [ص: ٣٥]، يدل على زلة وقعت من سليمان # تاب منها واستغفر، فتاب الله عليه.
  قلنا: لا ينبغي الوثوق بما روي؛ لأنها أحاديث إذا فرض صحتها آحادية لا