[بعض الأمم السابقة المذكورة في القرآن]
  عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ ...}[سبأ: ١٥]، ولا يخفى أنه لا يمكن السفر بالفواكه من اليمن إلى الشام في ذلك الحين، ولا يتصور أن يسافروا بالحبوب لبيعها في الشام؛ لأن أرض الشام أرض زراعية من الدرجة الأولى.
  وحينئذٍ فلا بد أن يكون لأهل اليمن نقد ليشتروا به البضائع من الشام وما ذاك إلا الذهب، وكانوا يستخرجون الذهب.
  ودليل ذلك: ما حكاه الله تعالى عن بلقيس: {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ ٣٥ فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ}[النمل].
  - ومن الفوائد: أن الذهب كان عملة عالمية.
  - ومن الفوائد العلمية: أن أهل سبأ كانوا أهل حضارة وترف، وأنهم كانوا أهل زراعة وصناعة وتجارة.
  - وأنهم تفرقوا وتشتت شملهم حين كفروا بنعمة الله تعالى وبطروها، فخرجوا من بلادهم وتفرقوا في جزيرة العرب فرقاً كثيرة.
  وقال تعالى في عاد قوم هود: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ٦ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ٧ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ ...}[الفجر].
  - كانت عاد تسكن في جنوب الجزيرة العربية، وذلك في حضرموت وما حواليها من الصحراء ذات «الأحقاف».
  ومن الفوائد في ذلك:
  - أن عاداً كانوا ذوي حضارة وتطور في العمران لم يسبقهم إليه غيرهم من سكان الكرة الأرضية.
  - وأنهم كانوا في رخاء من العيش وترف كبير، إذ أن التعمق في البناء والتطور فيه وفي صناعته لا يكون إلا بعد الغنى الكبير ووفرة المال، إذ من العادة أن الإنسان لا يفكر في القيام بمشروع بناء كبير متطور إلا بعد أن يحصل على فائض من المال زائد على كفايته في معيشته.