[بحث في أذية بني إسرائيل لموسى #]
  بدليل قوله: {فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا ٦٩} فقوله: {وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا ٦٩} دليلٌ على أنه لم يرتكب معصية لله تعالى ولا اقترف ذنباً، بل هو بريء من تهمتهم له #.
  وفي هذه الآية دليل على عدم صحة رواية الصحيحين أن تهمة بني إسرائيل لموسى كانت اتهامهم له بالأدرة، وهي مرض ينزل في الخصيتين يتسبب في انتفاخهما وكبرهما، وتقول الرواية إن الله تعالى برأه من تلك التهمة بأن موسى # كان يغتسل في مكان مستور ووضع ثوبه على حجر، ثم إن الحجر هرب بالثوب، فخرج موسى من مغتسله ليأخذ ثوبه، ويقول: ثوبي حجر، ثوبي حجر! فرآه بنو إسرائيل وهو مجرد عن ثيابه، وليس فيه ما اتهموه به من الأدرة. هذا معنى الرواية.
  وكما ذكرنا فإن الآية التي ذكرنا تدل على خلاف ما ذكروا؛ فتأمل.
  وحينئذ فتكون أذية المسلمين لنبيهم ÷ مشابهة لأذية موسى #.
  ويمكن أن تكون الأذية لنبينا ÷ هي ما جاء في القرآن من حديث الإفك في سورة النور.
  ويمكن أن يكون اتهام النبي ÷ بغير ذلك من المعاصي.
  وفي ذلك ما يدل على أن الكثير من الصحابة ما كانوا يعطون النبي ÷ حقه من التقدير والتعظيم، ولا كانوا ينزلونه منزلته اللائقة به ÷، فكانوا ينسبون إليه ما لا ينبغي بمقامه ÷، ويظنون به ظن السوء، فعاتبهم الله على ذلك في كتابه الكريم كما قدمنا.
  وقد كان ذلك يصدر من كبار الصحابة ومن صغارهم، ودليل ذلك: ما جاء في أول سورة الحجرات: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ...} إلى آخر الآيات، فإنها نزلت - كما في الصحيحين - في أبي بكر وعمر.
  ويؤخذ من الآية الأخيرة:
  - أن تحري القول السديد، وتجنب القول الذي ليس بسديد سبب لصلاح العمل وزكائه عند الله، أي أن الله تعالى يقبله ويثيب صاحبه عليه.