[ويستفاد أيضا من قصة أصحاب الكهف]
  عليهم والتطاول، فتنكسر نفوسهم ويكون له الفضل عليهم، فجاء بعبارةٍ حكيمة تحافظ على مكانتهم، وتطرد وساوس الشيطان من صدورهم.
  - وقال {إِلَى الْمَدِينَةِ}[الكهف: ١٩]؛ لأنه لا يتوفر الطعام إلا بها، ولأنهم وإن هربوا منها فلا بد من الذهاب إليها للطعام، وبالإمكان الذهاب إليها والمجيء بالطعام منها بالتلطف والتنكر والخفية والحرص الشديد على التكتم، وعدم إشعار أي واحد من أهل المدينة على الإطلاق، وبذلك يمكن المجيء بما يحتاج إليه من الطعام مع السلامة من العدو.
  - وقوله: {إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا}[الكهف: ٢٠] توكيد لوصيته لهم بالتكتم والتنكر، وتحذير لهم من أن يتسببوا في كشف أمرهم بالعواقب السيئة لو انكشف أمرهم، وذلك بقتلهم أسوأ القتل، وهو القتل رمياً بالحجارة، أو التعذيب لهم حتى يفتتنوا عن دينهم، وأنهم لو افتتنوا عن دينهم فلا يرجى منهم بعد الفتنة أن يعودوا لما كانوا عليه من الديانة، وفي ذلك دليل على العلم وحسن المعرفة والبصيرة في الدين.
  - وقوله: {أَزْكَى طَعَامًا}[الكهف: ١٩] يدل على حسن رأيه وبصيرته وقوة أمانته، حيث لم يضع فلوسهم إلا في أحسن ما يعرض في سوق المدينة من الطعام وأجود ما يوجد فيها.
  ٣٠ - كما يؤخذ من قصتهم جواز الدخول إلى دار الكفر لما لابد منه من طعام وشراب وثياب، وما لا بد منه مما يلحق بذلك كالأواني وآلات الوقود والمواقد والمخابز و ... إلخ.
  ٣١ - {.. أَزْكَى طَعَامًا ..}[الكهف: ١٩] يدل على أن طلب أحسن وأجود وألذ الطعام الحلال لا ينافي الإيمان والورع والزهد.
  ٣٢ - أن المؤمن إذا أراد أن يشتري لغيره أو لنفسه حاجة من السوق فلينظر إلى ما يعرض من تلك الحاجة في السوق حتى يطلع على أحسن ما عرض في السوق فإذا عرف ذلك اشتراه، وبذلك يكون قد حافظ على أمانته إذا كان