[ويستفاد أيضا من قصة أصحاب الكهف]
  رسولاً، ويكون قد قضى حاجة صاحبه أحسن القضاء، ولئلا يندم إذا انكشف له من بعد أن سلعته رديّة أو غير جيدة.
  ٣٣ - أن أمير الصحب يكون ولياً تلزم طاعته فيما يتعلق بمصلحتهم في السفر، وعليه أن يتحرى ما يصلحهم وفعل ما يحفظهم، وأن يوصيهم بالأخذ بالأسباب التي يكون بالأخذ بها حفظهم، وجلب المصالح لهم، ودفع المكاره عنهم، وأن يعظهم ويحذرهم، ويكون لهم كالأب الشفيق، هكذا يستفاد من الآية والقصة.
  ٣٤ - في ذلك أيضاً الدليل على مشروعية الوكالة، وأن الوكيل يصير وكيلاً بالأمر له مع امتثاله.
  ٣٥ - أن على الأمير والوكيل أن ينصحا ويبالغا في النصيحة فيما وكل إليهما.
  ٣٦ - أن التمسك بالإيمان بالله والتصلب فيه سبب للمزيد من الهدى والتنوير.
  ٣٧ - بعثهم الله تعالى من نومهم الطويل على الهيئة التي ناموا عليها لم تطل شعورهم ولا أظافرهم ولم تتغير صورهم ولم تبل ملابسهم، ولم يطرأ عليهم في أبدانهم وأشكالهم وأحوالهم ما يبعثهم على الاستغراب، بل قالوا حين تساءلوا بينهم عن مدة نومهم: {لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ}[الكهف: ١٩]، وبعثوا واحداً منهم وأمروه بأن يتلطف ويتكتم عن خبرهم، وكل ذلك بناء منهم على أن نومتهم يوم أو بعض يوم، أو أقل قليلاً، أو أكثر قليلاً.
  ٣٨ - وقولهم: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ}[الكهف: ١٩] أدب منهم مع الله، تداركوا به خبرهم القاطع حين قالوا: {لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ}، فاستحيوا من الله حين قطعوا بتحديد المدة، وردوا تحديد المدة وحقيقتها إلى الله، لا لأنهم ظنوا أو شكوا أو جوزوا أنهم رقدوا يومين أو أكثر.
  وحينئذٍ فيؤخذ من ذلك: أنه ينبغي للمؤمن أن يأخذ بذلك الأدب، فلا يبتّ القول فيما لا يعلم حقيقة الخبر على ما هو عليه إلا الله تعالى.