[ويستفاد أيضا من قصة أصحاب الكهف]
  ٣٩ - في قصة أصحاب الكهف حجة على من أنكر كرامات أولياء الله، وذلك من حيث أن الله تعالى أنامهم أكثر من ثلاثمائة سنة يقلبهم تعالى في منامهم، تتزاور عنهم الشمس في الصباح وتقرضهم عند الغروب، ثم بعثهم الله تعالى بعد نومتهم هذه المتطاولة؛ ليتساءلوا بينهم، وليعرفوا حقيقة ما فعل الله تعالى بهم وبكلبهم، فيزدادوا إيماناً بالله وشكراً له، ثم ليكونوا آية للناس، وحجة على من أنكر البعث والجزاء و ... إلخ.
  ٤٠ - ينبغي أن يدعو المسافر في سفره بمثل دعاء أصحاب الكهف: {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا}[الكهف: ١٠]، وكان دعاء موسى في هربه من فرعون وسفره إلى بلاد شعيب: {عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ}[القصص: ٢٢]، {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}[القصص: ٢٤].
  ٤١ - وفي قصتهم ما يدل على أن القياس دليل وحجة، وذلك في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا}[الكهف: ٢١]، فإن الله تعالى جعل بعث أصحاب الكهف من نومتهم مئات السنين أصلاً يدل على أن البعث من الموت يسير على الله، وأن الله قادر عليه، وأن ما أخبرت به رسل الله À من البعث للأموات حق وصدق.
  ٤٢ - يؤخذ من قصتهم: أن ما حصل من آية بعثهم من نومهم الطويل كان آية عظيمة أخذت بأعناق المؤمنين والكافرين، وذلك أنهم تنازعوا فيهم بعدما اطلعوا على حقيقة خبرهم، ثم رأوهم أمواتاً في كهفهم بعد ذلك، فقال غير المسلمين من الناس: {ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ}[الكهف: ٢١]، وقال المسلمون: {لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا}[الكهف: ٢١]، فأجمع الفريقان على تعظيم أصحاب الكهف، واستيقنوا أن لهم منزلة رفيعة عند الله، وأنهم من أهل كرامته وولايته، إلا أن الغلبة كانت للمسلمين فبنوا عليهم مسجداً للعبادة.
  ٤٣ - كما يؤخذ من قصتهم أن لأولياء الله الصالحين بركة أحياءً وأمواتاً.
  ٤٤ - كما يؤخذ من هنا جواز البناء على قبور الصالحين.