زبر من الفوائد القرآنية ونوادر من الفرائد والفرائد القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[قصة ذي القرنين وسد يأجوج ومأجوج]

صفحة 485 - الجزء 1

  ما يلاقونه من يأجوج ومأجوج، وسألوه أن يسد عليهم الطريق التي كان يأجوج ومأجوج يأتون منها لنهب أولئك القوم.

  وكانت طريقهم تمر بمضيق بين جبلين، فسد ذو القرنين ذلك المضيق، فلم تقدر يأجوج ومأجوج فتح السد، وأمن القوم الذين شكوا إلى ذي القرنين.

  هذا، وقد رويت روايات في كتب التفسير والحديث تتحدث عن يأجوج ومأجوج وأخبارهم، ويظهر لي أنها أحاديث خرافية لا صحة لها.

  فالآية إنما تحدثت عن قوم طلبوا من ذي القرنين أن يسد طريقا بين جبلين كانت يأجوج مأجوج يغيرون عليهم منها، فَسَدّ ذو القرنين ذلك الممر بسد منيع لا يستطيعون ولا يقدرون معه من الغزو على أولئك القوم.

  ولم تتحدث الآية أن ذا القرنين بنى سداً يحول بين يأجوج ومأجوج وبين بني آدم، وإنما كان السد بينهم وبين قوم مخصوصين شكوا إلى ذي القرنين.

  وفي هذا الزمان الذي تطورت فيه وسائل النقل عرف الإنسان زوايا الأرض وأطرافها، وطافوا على جبالها ووديانها وسهولها، وخاضوا محيطاتها وبحارها، ولم يبق فيها زاوية مجهولة، ولو كان في الأرض زاوية معزولة عن سائر الأرض لعرفوها واطلعوا عليها، وتحدثوا عنها، وذكروا طبيعتها وسكانها، ومناخها وتضاريسها، و ... إلخ.

  ومن المستبعد جداً أن يعرف الإنسان ويطلع على طبيعة سطح القمر من جميع النواحي، وطبائع المريخ، ويخفى عليه شطر من الأرض تسكنه أمتان عظيمتان ذاتا كثرة وعدد هائل.

  فإن قيل: قد قال تعالى: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ٩٦ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ ... الآية}⁣[الأنبياء]، وفي الكهف يقول تعالى عن السد: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ٩٨ وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ ...}⁣[الكهف].

  قلنا: ذلك وعد من الله تعالى بخروج يأجوج ومأجوج في كثرة عظيمة، ووعد