[فوائد من سورة الأنعام]
  · وقال سبحانه: {وَلَوْلَا دِفَاعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ}[البقرة: ٢٥١]، وقال سبحانه: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ٤٠}[الحج]:
  في هاتين الآيتين يبين الله تعالى الحكمة من تخليته بين الناس فيجري بينهم عداء وخصام وخوف شديد، وقتل وقتال بين أمة وأمة، أو بين دولة ودوله، أو قبيلة وقبيلة، أو بين حزب وحزب، أو بين أهل مذهب وأهل مذهب، فيذهب من الفريقين في ذلك القتال الجم الغفير من أشرار الفريقين وشياطينهم، ويَكِلّ بذلك القتال حد الفريقين، وتكسر الشوكة، وتنهار القوة، فيؤدي ضعف المتقاتلين إلى قلة الفساد في الأرض، وقلة البغي والعدوان، فيأمن الناس ويقل خوفهم وتسلم دورهم ومزارعهم ومعابدهم وأموالهم وذراريهم.
  - وسمى الله تعالى ذلك نصراً لأوليائه المؤمنين، والحمد لله الحكيم العليم الرحمن الرحيم، فإنه يكفي أولياءه المستضعفين شر أعدائهم بأن يسلط بعضهم على بعض، فيتقاتلون ويتفانون على مرأى ومسمع منهم.
  وقال الله سبحانه: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ٣٠}[الشورى]:
  - قد تنشب الحرب بين طائفتين من العصاة المتمردين فيتأذى المؤمنون من هذه الحرب، ويلحقهم منها شيء من البلاء كخراب البيوت، والنزوح من بيوتهم، وشيء من الخوف، وفساد زروعهم وثمارهم، وضياع أموالهم، وشيء من الفقر والعراء وعدم المأوى.
  فتكون الحكمة - والله أعلم - هي ما ذكرنا أولاً في تفسير الآيتين السابقتين تماماً، بالإضافة إلى شيء آخر وهو أن يكون ما لحق المؤمنين والمستضعفين جزاءً لهم على ما فرط منهم من عصيان، وغفلتهم عن شكر الرحمن.