البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

المبحث الثالث المسند إليه

صفحة 118 - الجزء 1

  إن القرينة شرط في صحة الحذف، إذا اقترن بها غرض من الأغراض.

  ***

  ويعدد العلماء عدداً من الأغراض فيها يحذف المسند إليه، منها:

١ - الابتعاد عن فضول الكلام

  لقد عبّر علماء البلاغة قديماً عن هذه القاعدة بكلمة: «الاحتراز عن العبث». وكانوا يقصدون إلى أنه يجب أن يحذف من الكلام كل ما كان نافلاً، أو ما دلت عليه العبارة وإن كان محذوفاً.

  أ - فلو سألك سائل: كيف صحتك؟ فأجبت: «جيدة»، فإنك تعني دون شك: «صحتي جيدة». ولقد حذفتَ كلمة صحتي لأنها مفهومة من سياق السؤال، وأدركت أن ذكرها عَبَث لا فائدة منه.

  ب - ولو قرأتَ قول الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا}⁣[فصلت: ٤٦] عرفتَ أن تقدير الكلام: مَنْ عمل صالحاً «فعَمَلُه» لنفسه، ومَنْ أساء «فإساءتُه» عليها؛ لأن الكلمتين المحذوفتين مفهومتان من سياق الجملة.

  ج - ولو سمعت الشاعر وهو يسائل الفتاة الصبية الباكية بحرقة وحرارة:

  لم تبكينَ؟ مَنْ فَقَدْتِ؟ فقالت ... والأسى غالب عليها: حبيبي

  قَدَّرت على الفور أن الصبية تقول: إن الفقيد حبيبي.