البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

المبحث الثالث المسند إليه

صفحة 119 - الجزء 1

  من هذه الأمثلة وأشباهها استنتج العلماء أن المسند إليه يحذف إذا صح الاستغناء عنه، وكان ذكره عبثاً في الجملة؛ ثم قالوا بناءً على هذا:

  ١ - يحذف المسند إليه إذا وقع جواباً لاستفهام.

  ٢ - ويحذف بعد الفاء المقترنة بجواب الشرط.

  ٣ - ويحذف بعد فعل القول.

٢ - ضيق المقام عن إطالة الكلام

  ويكون ذلك في حالة التحدث إلى مريض لا يستطيع التفصيل والإطالة، أو في حالة الخوف من فوات فرصة، أو التنبيه على خطر داهم.

  تصور أنك كنتَ في خط النار تقبع مع رفاق السلاح في الخنادق، وأمامكم الصواريخ الصيادة لطائرات العدو، وكان أحد الرفاق غافلاً يتلهى، ولمحت في الوقت ذاته طيارة عدو من بعيد قادمة. في هذه الحال ليس أمامك مجال لتنبيهه بإطالة الكلام، فتقول له: طيارة. وهو يفهم بسرعة: «تلك» طيارة. وتكون بليغاً في تنبيهك حيث حذفت المسند إليه.

  وعلى مثل هذا الموطن يقاسُ الكلام في رؤية سيارة مسرعة تكاد تدهس أحد الناس، أو رؤية، غريق، أو حريق أو ما شابه.

٣ - تيسير الإنكار عند الحاجة

  هذا باب شديد اللزوم في أيام المحن والخطوب والدسائس والجواسيس، والمخبرين، ولا سيما إذا كانوا وراء كل باب، وخلف كل متحدث، وفي كل ركن وزاوية. فقد تكون مع صديق تأمنه وتثق به، وتريد أن تحدثه عن إنسان ما، وتخشى في الوقت ذاته الأذى والضرر فتقول له: نَهَبَ الناس، وهَتَكَ الأعراض، وفعل كذا وكذا، دون أن تذكر اسمه، وصديقك يفهم أن الذي تعنيه: فلان.