المبحث الثالث المسند إليه
  رجلٌ. فإنه يفهم أن الذي جاءك رجل واحد لا رجلان. والتنكير مقصود به إرادة الإفراد.
  الملاحظة الثانية هي سهولة الانتقال من التكثير إلى التعظيم، ومن التعظيم إلى التكثير وسهولة الانتقال - كذلك - من التقليل إلى التحقير، و من التحقير إلى التقليل.
  فلو قرأت الآية القرآنية التي يخاطب فيها الله ﷻ محمداً ﷺ مشجعاً ومقوياً ومثبتاً: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ}[فاطر: ٤] تعني كملة رسل الكثرة كما تعني التعظيم والتفخيم معاً.
  قال عدد من علماء البلاغة عن الآية القرآنية الكريمة {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ٧٢}[التوبة] إن كلمة رضوان يراد بها التعظيم، وعلّلوا ذلك بقولهم: أي لهم رضوان من الله عظيمٌ أكبر من كل ذلك زيادة على تلك النعم؛ والمناسب لمقام الامتنان بنعم الوعد أن يكون مثل هذا التنكير للتعظيم لا للتحقير(١).
  إن ما ذهب إليه هذا الفريق من العلماء فيه ذوق، وطاعة، وإيمان كبير؛ وصدق في التعامل مع الآيات القرآنية ومقاصدها.
  لكن لنا اجتهاداً آخر يقوم على أن المراد من تنكير كلمة رضوان هو التقليل، ولا نقول التحقير. ودليلنا على ذلك ما يلي:
(١) تهذيب الإيضاح، عز الدين التنوخي ١٥٨/ ٣