المبحث الثالث المسند إليه
  وإذا قلت: «ما أنا فعلت هذا» فأنت تنفي عنك فعلاً ثبت أنه مفعول.
  في المثال الأول «ما فعلتُ هذا» تنفي عن نفسك الفعل، ولكنك لا تثبته لغيرك ولا تنفيه عنه. أنت حيادي في الجواب اكتفيت بالكلام عن نفسك. فقد يكون غيرك قد فعله، وقد لا يكون فعله.
  أما المثال الثاني «ما أنا فعلت هذا» فأنت أوقعت نفي الفعل عن نفسك، واعترفت بأن هذا الفعل كائن. لكنك لم تفعله أنت، وإنما فعله سواك. في هذه العبارة نفيت عن نفسك الفعل، وأثبته على سواك. فلو قلت: «ما أنا كسرت الزجاج» قصدت نفي الكسر عن نفسك، وأثبته على غيرك. وفهم من الجملة أن كسر الزجاج حاصل وواقع والكاسر ليس أنت، وإنما هو إنسان آخر.
  إذاً، في قولنا: ما أنا فعلت هذا نفي عن المذكور وإثبات لغير المذكور.
  وما دام في هذا التركيب نفي وإثبات، فلا أن يقال: ما أنا يصح كسرت الزجاج ولا غيري. لأن في الكلام تناقضاً. إذ في قولنا «ما أنا كسرت الزجاج» نفي كسر الزجاج عني وإثباته في الوقت ذاته على غيري؛ وإذا لحقت العبارة «ولا غيري» كان التناقض إذ كيف نثبت الكسر على الغير ثم ننفيه عنه؟
  وإذا أردنا نفي الكسر عنا وعن غيرنا وجب أن نقول: «ما كسرت أنا الزجاج ولا كسره غيري» أو ما كسرت الزجاج ولا غيري بتقديم الفعل. كذلك يصح أن نقول أنا ما كسرت الزجاج ولا غيري بتقديم المسند إليه وتأخير حرف النفي.
  إن حرف النفي ينصب على ما بعده مباشرة. فإذا قلت: ما فعلت