علم البيان
  ولأنْتَ أَشْجَعُ من أسامة إذ ... نقع الصُّرَاحُ وَلَجَّ فِي الدُّعْر(١)
  وَلأ انتَ أبينُ حين تنطق ... من لقمان لا عى بالأمر
  وجاء في الحديث النبوي: «إنَّ من البيان لسحراً» في معرِض الإفحام وقوة الحجة، والقدرة على الإقناع، وإثارة الإعجاب، وشدة وقع الكلام في النفس.
  إن إطلاق (البيان) على الفصاحة واللَّسنَ ليس هو الأصل في الاستعمال، وإنما أطلق عليها لما فيها من الاقتدار على الكشف والإبانة عن المعاني والخواطر الكامنة في النفس، ويكون معناه حينئذ مقابلاً لمعنى العيّ والَحصر، والعجز عن الإفصاح عند الحاجة إلى هذا الإفصاح(٢)
  ولقد ظل معنى (البيان) على هذه الصورة زماناً طويلاً، ثم أدرجت فيه معان أخرى. فكان كل كلام في التراث العربي الخالد يحمل لفظة (بيان). وقد يشارك هذه اللفظة في مدلولها كلمة (بديع) حتى قال ابن خلدون(٣): (إن علم البيان علم حادث في المائة)، ومعناه أن تنظيم البحث في الأدب، والكلام في عناصره، وما يسمو به وما ينحط كان جهداً جديداً، ودراسة لا عهد للعرب بها في جاهليتهم ولا في العصر الإسلامي، وأن (البيان) كان من العلوم التي تولى غَرسها المسلمون في سبيل فهم كتابهم، والذّبّ عن قرآنهم، وكان نماؤه بعد ذلك، وتشعُّب مباحثه بتأثير الدين، وبتوجيه المفكرين من حملته ورجاله(٤)
(١) نقع الصراخ: ارتفع.
(٢) البيان العربي، ص ١٣.
(٣) المقدمة: ص ٥٤٥.
(٤) البيان العربي، ص ٢٠.