البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

فن التشبيه

صفحة 19 - الجزء 2

  وكأنَّ مُحْمَرَّ الشقيـ ... ق إذا تَصَوَّبَ أو تَصَعد

  أعلام ياقوت نشر ... ن على رماحٍ من زَبَرْجدَ

  أراد الشاعر أن يصف شقائق النَّعمان، وهي حمراء الأوراق في حال ميلها نحو الأسفل ذبولاً، أو نحو الأعلى تفتحاً ... أو تحركها بفعل الرياح إلى أدنى وأعلى. فلم يجد أحلى تشبيها من الرماح الزُّبَرْ جَدِيَّة، - والزبرجد: حجر كريم لونه أخضر - رفعت عليها أعلام من اليواقيت - والياقوت حجر كريم لونه أحمر - وكأن الشاعر مثّل ساق الشقيق الأخضر بالزبرجد كما مثل الأوراق الحمر بالياقوت.

  وقد يقول قائل: إن قولنا: فلان مثلُ البحر، أو صوت الفتاة كتغريد البلابل. بعيدٌ عن الواقع، وأن الخيال دخله إلى حدُّ كبير، فلماذا لا يكون تشبيهاً تخييلياً كهذا الذي تحدثتم عنه، وحدّدتم معالمه؟

  والجواب يسير؛ فالرماح الزبر جدية وعليها أعلام ياقوتية لا واقعَ لها أصلاً فالحياة، منذ أن كانت، وإلى يومنا هذا، لم تشهد هذه الرماح ولا هذه الأعلام، وما هي إلا نسيج خيال شاعر.

  أما البحر، والتغريد، وما شابهها، فهي أمور موجودة في عالم الواقع ... وذلك هو الفرق بين التشبيهين.

  ب - والطرفان العقليان: يُدركان بالعقل أو بالوجدان. ونعني بالوجدان


= ٣٣٤ هـ / ٩٤٥ م، وقد جمع له شعره المرحوم الشيخ محمد راغب الطباخ، كما درسه الدكتور عبد الرحمن عطية. وتقدم به إلى جامعة عين شمس لنيل شهادة الماجستير سنة ١٩٧٠ م (انظر مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق ٥٢/ ١٢).