البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

الباب الأول فن التشبيه

صفحة 44 - الجزء 2

  وزاد في هذا السموّ للممدوح حذف وجه الشبه الذي يقيّد الصورة ويحدّد معالم الجمال فيها

  وبعبارة أخرى: أنتَ ذاتك شمس ... عالٍ في السماء، منيرٌ للظلمات، باعث للدفء، حبيب إلى الناس، تشرق فيحبّك الخلق، وتغرُب فيحبك العشاق ... تحتجب فيسألون عنك، وتظهر فتملأ الآفاق، تبتعد في فلكك فترتجف العباد برداً، وتقترب فيتصببون عرقاً.

  لقد اتسع أفق الصورة الفنية حين غاب وجه الشبه، فَشَمَلَ كل شيء يخطر في بال أديب وعالم.

  ***

  ويدور في خاطرنا كلمة المرحوم مصطفى صادق الرافعي⁣(⁣١) في مقدمة أحد كتبه قال: (لا يكون الحبُّ حبَّا إلا إذا قال المحب لحبيبه: يا أنا).

  وكأني بالرافعي يشير إلى أن أعظم الحب من اتَّحد بالمحبوب في كيان واحد ... لا انفصام لها أو كأنه يشير إلى قول الشاعر: أنا من أهوى، ومن أهوى أنا! أرأيت إلى ما يصنعه هذا التشبيه المؤكد المجمل، الذي حمل اسماً آخر،


(١) من الأدباء المشهورين في العصر الحديث، ومن دعائم النهضة الأدبية في العالم العربي. أصله من طرابلس الشام، ومولده ووفاته في طنطا بمصر. له شعر ونثر، وديوانه مطبوع. ومن مؤلفاته النثرية: تاريخ آداب العرب. وإعجاز القرآن، وتحت راية القرآن، ورسائل الأحزان، وعلى السفود، والسحاب الأحمر، وحديث القمر، والمساكين، وأوراق الورد، ووحي القلم (انظر الأعلام للزركلي ٨/ ١٣٧).