البلاغة العربية في ثوبها الجديد،

بكري شيخ أمين (المتوفى: 1440 هـ)

الباب الأول فن التشبيه

صفحة 50 - الجزء 2

  الموضع وهذا المعنى لأعجاز النساء، فصار كأنه الأصل فيه، حتى شبه به كثبان الأنقاء⁣(⁣١)

  ***

  وقد عرض ابن الأثير⁣(⁣٢) في كتابه (المَثَل السائر) لهذا النوع من التشبيه وسماه (الطرد والعكس)، وهو أن يُجعل المشبه به مشبهاً، والمشبه مشبهاً به وبعضهم يسميه غلبة الفروع على الأصول ... ومما جاء منه قول البحتري:

  في طلعَةِ البدر شيءٌ من محاسنها ... وللقضيب نصيبٌ من تثنّيها

  وقول عبد الله بن المعتز في تشبيه الهلال:

  ولاح ضوءُ قُمَيْرٍ كاد يفضحنا ... مثل القُلامة قد قُدَّتْ من الظُّفُر

  ولما شاع ذلك في كلام العرب واتسع صار كأنه الأصل، وهو موضعٌ من علم البيان حسن الموقع لطيف المأخذ. وهذا قد ذكره أبو الفتح ابن جني في كتاب الخصائص⁣(⁣٣)

  ***


(١) الخصائص ٣٠٠/ ١.

(٢) هو أبو الفتح نصر الله بن محمد الشيباني الجزري الملقب بابن الأثير، ولد بجزيرة ابن عُمر قرب الموصل، اشتغل بالعلم وحفظ القرآن الكريم وأشعار القدماء والمحدثين، وقصد إلى السلطان صلاح الدين الأيوبي ملك مصر سنة ٥٨٧ هـ فصار من كُتّاب الديوان الذي يرأسه القاضي الفاضل، ثم استوزره ولده الملك الأفضل نور الدين بمملكة دمشق، ثم اتصل بخدمة أخيه الملك الظاهر غازي صاحب حلب، بعدها عاد إلى الموصل، وتوفي سنة ٦٣٧ هـ / ١٢٣٩ م.

من آثاره: المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر، وكتاب الجامع الكبير في صناعة المنظوم والمنثور، وكتاب الوشي المرقوم في حلّ المنظوم، وكتاب المعاني المخترعة في صناعة الإنشاء وغيرها. (انظر: البيان العربي ص ٢٠٠).

(٣) المثل السائر ص ١٦٤.